
قطاع التمويل الإسلامى أثبت أهميته كخيار جاذب للمُصدِرين والمستثمرين
يشهد سوق الاستثمار والتمويل الإسلامى المُستديم حاليًا تحوُّلًا كبيرًا واهتمامًا عالميًا من خلال إصدار مزيد من الصكوك، خاصة االخضراء التى باتت على قدرٍ عالٍ من الأهمية عالميًا؛ لما لها من دور مهم فى الحفاظ على البيئة.. هذا ما يعكسه الواقع، ويُؤكِّده الدكتور محمود عبد الحكيم زعير، عضو الأمانة الشرعية لبنك الإنماء السعودي، فى حواره مع االتمويل الإسلامي، مؤكدًا أن هناك اهتمامًا عالميًا بسوق التمويل الإسلامى يعكسه النمو المستمر له، والمدفوع بأسواق الإمارات، والسعودية، وماليزيا، وإندونيسيا، وباكستان، بشكل أساسي.
أكد الدكتور محمود عبدالحكيم أن بنك الإنماء السعودى يضُخُّ حزمة كبيرة من الاستثمارات ضمن جهوده لرفع كفاءة بنيته التحتية، كما يُواصل تقييم طُرُق عديدة لتبنِّى الحلول التكنولوجية الجديدة، بهدف الارتقاء بكفاءة وفاعلية محفظة خدماته ومنتجاته.. وإلى مزيدٍ من التفاصيل.
❊ لماذا لا تنمو الصكوك بنفس سُرعة أدوات الدَّيْن؟
حجم إصدارات الصكوك فى المنطقة بشكل عام كان مُنخفضًا بفعل حضوره المُتضائل، وغير المُميَّز فى المشهد الاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك شهد عام 2018 اتِّجاه عديد من جهات الإصدارات التقليدية إلى أسواق رأس المال عبر أدوات الصكوك، والذى لقى بدوره استجابة واسعة، بما فى ذلك صكوك اصناعاتب واتبريدب. وبالطبع، ستُساهم الجهود المبذولة فى تحسين معايير الحوكمة فى تعزيز أُطُر المصداقية والرقابة التنظيمية، كما أن الاعتماد على الحلول التكنولوجية سيُمهِّد الطريق أمام إصدار وتداول الصكوك.
- هل ترى أننا بصدد دخول مُرشَّحين آخرين من مُصدِرى أدوات الدَّيْن التقليدية فى سوق السندات والصكوك الخضراء؟
فى ظل مُواصلة دول المنطقة جهودها فى تنويع مصادر اقتصادها، فإننا سنشهد بكل تأكيد تحوُّلًا كبيرًا ضمن مشهد الاستثمار المُستديم الذى يُراعى المعايير البيئية والاجتماعية وضوابط الحوكمة، لا سيما من جانب الشركات والمؤسسات السيادية. وعقب النجاح الذى حقَّقته شركة اماجد الفطيمب فى إصدارها من الصكوك الخضراء، فنحن بصدد رؤية انضمام مزيد من الشركات التى ستحذو حذوها، وخاصةً المؤسسات التى تتطلَّع إلى تحقيق عوائد استثمارية مُجزية وتحقيق أثر إيجابى على صعيد السلامة البيئية.
وعلى خلفية الاهتمام المُتزايد بالاستثمار المُستديم الذى تتحقَّق فيه المحاور الثلاثة آنفة الذكر، فإن الصكوك الخضراء تُعَدُّ بمثابة أداة استثمارية جاذبة للمستثمرين الإسلاميين، وشريحة عريضة من مؤسسات الاستثمار التى تتَّجه بشكل مُتزايد نحو اعتماد الأُسُس والقِيَم الأخلاقية ضمن أنشطة أعمالها، بما يُساهم فى توسيع نطاق مجتمع المستثمرين الذين يُفضِّلون مثل هذه الأدوات التمويلية.
- ما مُعدَّل النمو المُتوقَّع للصيرفة الإسلامية خلال السنوات الخمس المقبلة؟
على الرغم من حقيقة أن قطاع التمويل الإسلامى لا يزال فى مرحلة النمو، فإنه أثبت أهميته كخيار جاذب لكل من المُصدِرين والمستثمرين، إذ يستقطب قطاع التمويل الإسلامى المُصدِرين ممن يتطلَّعون إلى تنويع محافظهم التمويلية، وكذلك المستثمرون، وخاصةً الإسلاميين منهم، الذين يتمتَّعون بمستويات جيِّدة فى السيولة، ويرغبون فى توظيف أموالهم فى الاستثمارات المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية. أما بالنسبة للمستثمرين التقليديين فهم يسعون إلى تبنِّى خيارات التمويل الإسلامى كوسيلة لتنويع محافظ أصولهم. وقد اتضح الاهتمام العالمى بالأدوات الاستثمارية الإسلامية جليًا فى إصدارات الصكوك الأخيرة التى شهدت تجاوز حجم الاكتتاب بشكل كبير لقيمة الإصدار. ويُقدَّر هذا القطاع حاليًا بقيمة 2.4 تريليون دولار عالميًا، ومن المتوقع أن ينمو إلى 3.8 تريليون دولار بحلول عام 2023، مدفوعًا بالأسواق الرئيسية، مثل الإمارات، والسعودية، وماليزيا، وإندونيسيا، وباكستان.
- هل هناك رغبة كبيرة تجاه الاستثمار فى الصكوك الخضراء؟
بالتأكيد؛ إذ تُتيح الصكوك الخضراء، التى تُمثِّل نسخة التمويل الإسلامى من السندات الخضراء، الفُرصة أمام المستثمرين لتأمين عوائد مُجزية وتوظيف الأرباح فى تمويل مبادرات الطاقة النظيفة، وقد بلغ إجمالى قيمة إصدارات السندات الخضراء عالميًا 592 بلغ مليار دولار مع مواصلة نمو الطلب عليها. ووفقًا لوكالة موديز، فإن إصدارات السندات الخضراء قد حقَّقت ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 40 % لتصل إلى 47.2 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2019، ومع ذلك، يظل حجم الإصدارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ضئيلًا جدًا، حيث يبلغ 1.6 % بما يُعادل قيمة 750 مليون دولار، وهو ما يضعنا أمام إمكانات نمو هائلة.
- ما توقُّعاتكم لمُعدَّلات النمو فى إصدار الصكوك؟
على الرغم من أن قطاع الصكوك وأدوات الدَّيْن شهد بشكل عام انخفاضًا نسبيًا من حيث الحجم خلال النصف الأول 2019، متأثرًا بالاضطرابات التى ألقت بظلالها على المشهد الجغرافى والسياسي، إلا أننا نشهد حاليًا مجموعة كبيرة من إصدارات الصكوك، سيتم طرحها بالأسواق، وهو ما يجعلنا متفائلين حيال الضوابط المناسبة فيما يخص السندات الخضراء.
- هل طرح الصكوك يتعارض مع التطور التكنولوجي؟
مما لا شك فيه أن صناعة الخدمات المصرفية الإسلامية لا تزال حديثة العهد، وصغيرة الحجم، وتنقسم المصارف الإسلامية إلى فئتين: الأولى تستثمر فى التكنولوجيا والخدمات المصرفية الرقمية بهدف اللحاق بركب المصارف التقليدية، والثانية تعمل جاهدةً على توسيع حضورها فى الخدمات المصرفية التقليدية وتأجيل الاستثمار فى الحلول الرقمية. وقد قامت البنوك الإسلامية بضخِّ حزمة كبيرة من الاستثمارات ضمن الجهود المبذولة فى رفع كفاءة البنية التحتية، انطلاقًا من القناعة الراسخة بأهمية هذه الجهود الأساسية فى تعزيز المكانة بين المُنافسين مُستقبلًا. ونُواصل تقييم طُرُق عديدة لتبنِّى الحلول التكنولوجية الجديدة واعتمادها، مثل تكنولوجيا االبلوك تشينب، بهدف الارتقاء بكفاءة وفعالية محفظة خدماتنا ومنتجاتنا، من حيث توفير الوقت والموارد.
د.محمود عبدالحكيم زعير
( عضو الأمانة الشرعية لبنك الإنماء السعودي ).